- هذا الموضوع فارغ.
- الكاتبالمشاركات
- ديسمبر 11, 2021 الساعة 4:16 م #16799admin adminمدير عام
دعا البعض رئيس الجمهورية إلى مهاجمة “الجيش السوري الحرّ” الموجود داخل الأراضي اللبنانية على قاعدة أن الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة!
والحقيقة أن هذا الحق (دور الرئيس في قيادة القوات المسلحة) تمّ توارثه عبر السلالات الملكية عندما كان يتلقّى الملك منذ نشأته ثقافة عسكرية، ثم جَرت عقلنة هذه الصلاحية كون ممارستها محفوفة بالمخاطر. فقلة من الرؤساء يتمتعون بالخبرة والثقافة العسكرية، كما أن العديد من الأنظمة البرلمانية راحت تضع قيوداً على ممارسة هذا الحق.
ففي دستور الجمهورية الخامسة اشترطت المادة /16/ على الرئيس، قبل ممارسة هذا الحق، استشارة الوزير الأول ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الشيوخ والمجلس الدستوري، لأنّ صلاحية الرئيس في هذا المجال واسعة، لا سيما أن المرسوم الصادر بتاريخ 14/1/1964 منح الرئيس حقّ التصرّف بالقوة النووية والجوية والبحرية.
أما الدستور الأميركي فقد وسّع صلاحيات الرئيس في هذا المجال، لكن سوء ممارسة هذا الحقّ رتّب نتائج فادحة في الحرب التي شنّتها الولايات المتحدة على العراق، إذ استند الرئيس جورج بوش لإعلان هذه الحرب على أساس حيازة العراق لأسلحة نووية وكيميائية محظورة، ليتبين لاحقاً أن المعلومات التي أعطيت للرئيس لم تكن صحيحة.
وكي لا نغوص كثيراً في خلفيات النص الدستوري الوارد في الفقرة الأولى من المادة /49/ التي اعتبرت أنّ “فخامة الرئيس هو القائد الأعلى للقوات التي تخضع لمجلس الوزراء”، نذكّر بأنّ هذا النص وُضِع تيَمّناً بالتقليد الدستوري الذي أشرنا إليه في مطلع هذا المقال، حيث انتقلت هذه الصلاحية إلى الرئيس بعدما كانت مُناطة بالملك، وذلك بعد تحوّل الأنظمة من ملكية إلى جمهورية. كما انتقلت هذه الصلاحية أيضاً من الرئيس غير المسؤول سياسياً أمام البرلمان إلى مجلس الوزراء المسؤول أمام البرلمان.
وهكذا، وانسجاماً مع نقل السلطة التنفيذية إلى مجلس الوزراء بموجب الدستور اللبناني عام 1990، يتشارك الجميع في مجلس الوزراء باتخاذ القرار المناسب في هذا الصدد، علماً أنّ واقع الحال كان كذلك حتى قبل تعديلات 1990، إذ إنّ المرسوم الاشتراعي الرقم 562/1967 جعل من صلاحية إعلان الحرب وإعلان حال الطوارئ أو المنطقة العسكرية أمراً يتم بموجب مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، وقد عدّل هذا المرسوم بالمرسوم الرقم 665 تاريخ 4/2/2002 لتأكيد هذا الأمر، إذ جاء في المادة الثانية منه ما معناه: “إن كل التدابير التي تكمن في إطار استخدام القوى المسلحة تتخذ في مجلس الوزراء”.يذكر أن اتخاذ قرار الحرب والسلم، لا سيما الحرب الهجومية، ينطوي على مخاطر قد تهدّد أمن الدولة ومصيرها، لذلك يقتضي حصر هذا الحق في يد مؤسسة لا في يد شخص. لكن ذلك لا يمنع أن يقتنع مجلس الوزراء برأي فخامة الرئيس ويتخذ قراراً في هذا الصدد، إذ إنه قد يكون لرأيه تأثير في مجلس الوزراء، بصفته يقوم بواجبه في إطار الدفاع على وحدة أراضي الوطن وسلامتها.
إلاّ أن كل ذلك لا يحجب دور الرئيس أيضاً في إطلاع الرأي العام على المخاطر التي تهدّد أمن البلاد وسلامتها، وأن الرئيس أكد من خلال مواقفه الأخيرة أنه لا يمكن استدراج لبنان إلى حروب لا شأن له فيها. لذلك، يندرج طلب البعض لشنّ الحرب على 9000 عسكري من “الجيش السوري الحر” على الحدود اللبنانية – السورية أو داخل الأراضي اللبنانية في إطار الترهيب بأن القوات السورية، إن لم يفعل الرئيس، ستقوم بمهاجمة لبنان، فهذا لا يبرّر ذاك.
وفي الحقيقة، إن أخطأ النظام السوري وقام بخطوات مماثلة، سيبرّر معاملته دولياً كما عومِل العراق بُعَيد احتلاله للكويت، وسيسرّع إسقاطه. وغداً لناظره قريب.
- الكاتبالمشاركات
- يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.