- هذا الموضوع فارغ.
- الكاتبالمشاركات
- ديسمبر 10, 2021 الساعة 3:14 م #16782admin adminمدير عام
ذهب الفلاح ليجد في حقله شجرة الحياة ليست ككل الشجر ، أوراقها تعدّدت ألوانها مع أنها نمت على التراب ذاته وارتوت من الماء عينها وأشرقت عليها شمس واحدة ، وعنّفتها الرياح ككل شجر الحقل ، فقرّر الفلاح أن يقطعها ويرميها في النار ظناً منه أنها شجرة ملعونة ، لكنه سمع صوتاً من الأعالي يقول له : مهلاً أنت تقطع أفضل ما عندك من شجر ، إنها ميزة هذا الحقل .
لقد عصر التاريخ في هذا الشرق جماعات عانقت جبال لبنان وتجذّرت في تربتـه ، إصطدمت فتصارعت ، نزفت جراحها ثم التأمت ، وأخذ التنّوع يتقدّم على التصارع الذي كرّر جولاته لكنه تعثّر ، وتبين أن التنوع ثروة والأنسنة كنز ، وعندما لبست الأنسنة رداء المواطنة كان لبنان الدولة يحكمها الميثاق .
صحيح أن لبنان الوطن تعثّر قيامه ، كُثر انتموا إليه رغم جهلهم إياه ، عايشوه ولم يفهمـوه ، تبرّأوا من الفساد ونسبوه إلى الطائفية ، تغرّبوا وأرادوا إستحضار الغرب، تعرّبوا فظنوا العروبة ديناً، أما التنوّر والتنوّع والنهضة والمروءة … فليست إلا مقبلات للوجبات السياسية .
ثم اكتشـف طـلاب العلمنـة أن الداء يكمن في الطائفية لأن القديـس شربـل ” السكران بالله ” كان يعتاش من الرشوة ، والإمام علي بنى فلسفته على الصفقات ، وأن عدالة عمر بن الخطاب ليست إلا عدالة في الظاهر فهو لم ينزل حكماً بأحد إلا بعد تقاضي الرشوة ، وأن مار متر لم يكن يحترم شـارات السيـر …
تساءل الفيلسوف الشهيد كمال يوسف الحاج في كتابه ” فلسفة الميثاق الوطني ” هل قالت الطائفية للموظف أن يحجب حقاً عن مواطن وإذا خلع هذا الموظف رداء الطائفية فهل سيتوقف عن تقاضي الرشوة ، وهل سيزول فساده ؟
هكذا تغاضى بعض الساسة عن فسادهم فرّدوه إلى الطائفية ، لأنها بنظرهم تعلّم الرشوة والسرقة والفساد … ظنوا أنهم إذا أسقطوا الدولة المدنية من فوق تندثر الطائفية من تحت ، وتنتهي المشكلة ، عندها لا يتقاضى بعض رجال الأمن والإدارة رشوة ، ولا يكتم المالك الثمن الحقيقي لملكيته تهرباً من الضريبة ، وتغيب الصفقات المشبوهة والعمولات ، لأن الحكام سوف ينتعلون تيجان الدولة المدنية التي تُقيهم شرّ الفساد والمفسدين الطائفيين …
فهل يعلم البعض أن أهم ديمقراطيات العالم على سبيل المثال تحافظ محاكمها العليا على التقاليد السياسية التمثيلية من دون أن يصطدم ذلك بمفهوم الدولة المدنية ؟
بالله عليكم ، عفواً ، أستحلفكم بمدَنيّتكم ، لا ترحموا الفاسدين إلى أي دين انتموا وإرحموا نضال وإيمان القديسين والأئمة الأطهار الذين أغنوا الإنسانية بأسمى معاني الوجود ، وتعالوا نفصل بين عشقنا للدولة المدنية وبين وفائنا وتقديرنا للكبار منا ، وتعلّقنا بتراثنا وتقاليدنا ، فنعتبر بين الدول المدنية في العالم وتكون ديمقراطيتنا لمحيطنا قدوة .
- الكاتبالمشاركات
- يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.