الهواء

[admin admin]

فريد شهاب

في نهاية حرب العام 1982، تم إطلاق ثلاثة مشاريع خضراء صغيرة أثناء الأحداث العشوائية، في وقت واحد وفي ثلاث مناطق لبنانية. يتمثل المشروع الأول بإعادة تشجير غابات الصنوبر في ضاحية بيروت التي دمرها الغزو الإسرائيلي. ويرتكز الثاني على زرع غابة أرز على سفوح جبل صنين لاحياء ذكرى شهداء الحرب.

ويتمثل الثالث بتشجير بلدة فقرا التي ابتدأ نموها منذ العام 1978. بعد ذلك بثلاثين عاماً، استعادت غابة الصنوبر في بيروت شكلها السابق وصار بالإمكان رؤية غابة الأرز من قمة جبل مزار. أصبحت فقرا جنة خضراء، ومنطقة اصطياف استثنائية. من الجلي أنه في غضون ثلاثين سنة، وليس أكثر من ذلك، يمكننا أن نغير منظر الطبيعة اللبنانية اذا كانت لدينا الأرادة لذلك. أطلب منكم أن تتخيلوا سلسلتنا الجبلية مكسوة ببساط أخضر يمتد من الشمال الى الجنوب. يا له من مشهد، يا له من إنجاز، يا لها من رمزية لضمير وطني.

ليست صدفة إذاً أن تتمثل المبادرة الكبيرة الأخرى القادرة على لعب دور توحيدي هائل في ربط خطة إعادة تشجير الجبل بالخطة الخمسية، فتكون خطة التشجير قادرة على تغطية، إما كافة المناطق اللبنانية، أو كبداية، مناطق محددة في كل من المناطق ذات النفوذ السياسي.

ليست خطة كهذه رمزية فقط ولكنها قوية في قدرتها على التعبئة. في الواقع، إن تحالف الدولة والمجتمع الاقتصادي والقطاع الخاص في مشروع لإعادة التشجير قد يكون ممكناً. الدولة بحاجة إلى أن تفي بتصريحاتها الوزارية حول مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.

العلامات التجارية الكبرى تبحث باستمرار عن برامج تتعلق بالمسؤولية المدنية (Corporate Social Responsibility) تكون قادرة على غرس صورتها بعمق (لن يكون من الصعب تأمين الأموال اللازمة). المجتمع المدني من خلال المنظمات غير الحكومية والشباب اللبناني على استعداد للمشاركة فعليا على الأرض لجعل هذه الخطة واقعا. يكفي أن نحثهم ونشجعهم على ذلك.

إن العمل المشترك لهذه المحركات الثلاثة مقروناً بالعمل المؤثر العميق للمجموعة المؤثرة المدنية واللاسياسية “الميم” يتمتع إذاً بكل فرص النجاح.

سوف نرى في القسم الخامس، مع أي نوع من خطط العمل علينا أن نتعاطى لتفعيل مشروع موحّد بهذا الحجم.

باسم الضمير الوطني، قمنا بتنقية الهواء في المدن وبإعادة الحياة إلى هواء جبالنا. دعونا نرى الآن كيف يمكن للأرض أن تسهم في تشييد بناء وطني مستدام.

[الكاتب]

المشاركات