- هذا الموضوع فارغ.
- الكاتبالمشاركات
- أبريل 17, 2022 الساعة 4:12 م #17186admin adminمدير عام
فريد شهاب
يمكن اعتبار العام 2011 سياسياً *”بجعة سوداء” في التاريخ العربي. ما كان يمكن لأحد أن يتنبأ بسلسلة الثورات التي اندلعت في جميع أنحاء المنطقة. بالنسبة للكثيرين، إن الانفتاح على وسائل الاعلام الاجتماعية الجديدة هو السبب. ولكن من الخطأ التفكير بهذا المنطق. تلعب وسائل الاعلام الاجتماعية دوراً فعالاً جدا في إطلاق الشرارة، ولكن السبب الحقيقي للثورات أعمق من ذلك بكثير فهو إنساني قبل كونه تكنولوجياً.
ولهذا أو هذه الأسباب الإنسانية دائماً تأثير معد، ينتشر بسرعة أكبر مع الهاتف المحمول وتويتر وفيسبوك و يوتيوب وليس مواطنونا بمنأى عن هذه العدوى التي تنتشر في نظامنا عن طريق الشعيرات السياسية بقدر انتشارها عن طريق شبكات الاتصال التكنولوجية، مما يولّد ليس ثورة واحدة بل ثورات متنوعة بقدر ما هي متناقضة، رؤيوية بقدر ما هي غير واقعية وإرادية بقدر ما هي غير فعالة.
في غضون أسبوع، على المسرح البيروتي يطالب الشباب “بدولة علمانية، اليوم قبل الغد”، في حين يطالب آخرون “بالقضاء على الفساد”، بينما يدعم آخرون “حقوق المرأة” دون أن ننسى التحركات الضخمة لتأييد تسلّح الأحزاب أو لرفضه.
مواطنون متطوعون، مواطنون متأثرون، مواطنون مستردون ولكن مواطنين يتجاوبون بدرجة عالية مع الأفكار. المواطنون اللبنانيون بجميع مكوناتهم يبرهنون يوما بعد يوم عن تقبلهم للتغيير. إن الطاقة التي يتمتع بها الشعب اللبناني هي كحمم في حال من الغليان، فإذا وجّهت بشكل صحيح تعطي نتائج غير متوقعة بقدر ما هي غير مرغوبة.
المشكلة الكبرى هي في كيفية التوجه إلى المواطن، والمقصود ب”كيف” ليس مسألة أسلوب بل مسألة مضمون. لطموح مختلف، لغة مختلفة. تطمح المجموعة المؤثرة المدنية واللا سياسية للتوجه إلى المواطن بلغة جديدة، لغة اقتصادية، لغة موحدة وغير مسبوقة، لغة حازمة وبناءة.
ولما كان المواطنون وحدهم قادرين على تغيير مجرى الأحداث، فإنهم يستحقون كل الاهتمام، والعلم والإبداع والدقة والبصيرة في تواصل صادق وهادف، يحترم ذكاءهم وإحساسهم وطموحاتهم، يحترمهم وكفى. برنامج جميل للمجموعة المؤثرة المدنية واللا سياسية “الميم”.
البرنامج يبدأ وينتهي مع تعبئة المواطنين للمضي قدما بشكل مستمر ودون أي توقف. لكن التعبئة الديماغوجية لا مكان لها في السياق الاقتصادي والمدني.
السياق الوحيد الذي يجب اعتماده لا يمكنه أن يكون إلا سياقاً واضحاً وتشاركياً فهو الحاضن الوحيد لديناميكية التغيير.
والذي يتكلم عن المشاركة يتكلم عن الالتزام، والفائدة، والدافع. لماذا قد يعطينا المواطن وقته؟ ما الذي يمكننا أن نقدمه له في المقابل لجذب اهتمامه؟ ما العمل لجعل الاقتصاد والتربية الوطنية أولوية في عقله قبل الطائفية؟ ما العمل كي يدرك المواطن أنه في كل الحالات هو وحده مفتاح مصيره.
ترتكز الخطوة الأولى على الإصغاء إلى المواطن. فكروا بالعادة المشتركة التي كنا نتمتع بها أي الإصغاء: لم يسمح لصوت المواطن بأن يسمع إلا عند تأييد قضية محددة سلفاً أو مفروضة. ولكن مع ظهور الانترنت، يكتشف المواطن قوة صوته ومكانته ويتمثل دور المجموعة المؤثرة المدنية واللا سياسية بمضاعفة هذه المكانة أكثر وبتخطي صوت التجمهر القطيعي لخلق صوت التوليف والنهج البناء.
ترتكز الخطوة الثانية على تنوير المواطن. هل تكبدنا يوماً عناء الشرح للمواطن أو إشعاره بمعنى المشاريع الاقتصادية ومكانتها؟ فهو لا يكتشف إلا الشكل السياسي أو الديماغوجي لهذه المشاريع فينتهي إلى عدم الاكتراث بها في نهاية المطاف. إن تسريح المواطن يحول الاقتصاد إلى صيد ثمين يستأثر به رجال الأعمال والسياسيون.
ترتكز الخطوة الثالثة على دفع المواطن إلى المشاركة.
لماذا لا يتم تحويل الاقتصاد الى شأن وطني حقيقي؟ لماذا عليه أن يبقى حكرا على نخبة أو على شركات معينة أو أكثر من ذلك على السياسيين بل والأسوأ من ذلك على الجماعات الدينية؟
ترتكز الخطوة الرابعة على إبراز إمكانات المواطن وقدرته من خلال تعزيز ثقته بنفسه. لقد سحقت الحروب والمخاوف والخطابات الحزبية المواطن اللبناني وقد حان الوقت لكي يستعيد قواه في سبيل هدف يمكن بلوغه. لأن الهدف الذي يتحقق يولّد الثقة والثقة مقدمة للحوار.
ترتكز الخطوة الخامسة على تثقيف المواطن ووضعه أمام مسؤوليات مدنية، ما يتطلّب حتماً نشر الطاقة الجماعية لتشمل ليس فقط المجموعة المؤثرة “الميم” بل أيضاً الدولة والمنظمات غير الحكومية والجامعات والمدارس والنزل. وسيكون هذا الجهد أكثر فعالية إذا دعمته الأحزاب واعتمدته كإشارة على تغيير في الانطباعات. تذكروا ما ورد في الفصل السابق.
لكل شيء وقته المناسب. لتحقيق البرنامج المقبل، بدأت بالدورة التشاركية للمجموعة المؤثرة “الميم” من خلال نشر هذا الكتاب قسماً بعد قسم، عبر موقعه على الانترنت (http://www.pari-rihan.org). لقد تلقيت إلى الآن عدداً كبيراً من التعليقات والملاحظات والتصويبات ولاقتراحات وقد تم أخذها بعين الاعتبار قبل طبع الكتاب بصيغته النهائية الحالية. أما بالنسبة للملاحظات التي لم أتمكن من تسجيلها، فإن الطبعة الالكترونية من الكتاب ستهتم بالتعديل المناسب وبشكل منتظم. إن هذه المبادرة هي المثال الأول للدورة التشاركية التي يلعب فيها كل مواطن دوراً مسؤولاً. إذا كنتم تريدون أن يتحقق دور “الميم”، عليكم أن تصبحوا سفراء الفكرة وأن تضاعفوا التعليقات وأن تنشروا الكتاب في وسائل الاعلام الاجتماعية، وأن تشجعوا أصدقاءكم وأقرباءكم ومعارفكم وشبكات الاتصال الخاصة بكم والشباب على قراءته فتلعبون بذلك دورا رئيسيا في بناء ضمير للوطن.
كما وعدتكم، إن هذا المسار إذاً ليس عنيفاً بل هو ثقافي، تشاركي، طويل بعض الشيء ولكنه فعال ولا رجوع فيه فأنا لا أؤمن بالتكتيك ما لم يكن داعماً للاستراتيجية. أما هذا الكتاب فهو استراتيجي بشكل أساسي وتقارير “الميم” المستقبلية بالتعاون مع المواطنين ستشكّل السلاح المطلق الذي سيسمح بتحقيق ضمير للوطن.
- الكاتبالمشاركات
- يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.