- هذا الموضوع فارغ.
- الكاتبالمشاركات
- أغسطس 21, 2022 الساعة 12:03 ص #17594Hana Hajjمدير عام
تقاليد بالية
تعاني المرأة في لبنان من كل أنواع التمييز والعنصرية وتسلّط التقاليد والأعراف، البعيدة بمعظمها عن الواقع الانساني، والسماح للسلطة الذكورية بحجة الحماية السيطرة على قرارات المرأة وأسلوب حياتها، وبهذه الحجة تتعرض المرأة لشتى انواع التعذيب والتعنيف جسدياً نفسياً، وعليها الصمت حماية للقيم التي فرضها الرجل عليها لمصلحته، بعيداً عن حقوقها في القانون والشرع أيضاً، وتهمّش بحرمانها من كل ما يمكن أن يجعلها إنسانة متطورة فاعلة في المجتمع لتبقى تحت سيطرة الرجل ليبقى هو القوة العليا في حياتها، يتحكم بها وحين تقول “لا” تعنّف الى درجة الموت، وهذا ما شهدناه في الفترة الأخيرة في لبنان وآخرها مقتل الشابة هناء خضر ابنة 21 ربيعاً، من الشمال، التي لم يعرف زوجها الانسانية فسكب عليها الكاز وعلى جنينها ليحرقهما من بوحشية من دون رحمة، والسبب… سلطته الذكورية التي منحه اياها المجتمع، فإذا تشاجر مع زوجته عليه أن يؤدبها كما يشاء، الى درجة الحرق والقتل. وقبلها مقتل سيدة في بيروت بطعنات عدة من زوجها لأنها قدمت معونة الى جيرانها الفقراء، فكان تأديبها بالموت.
قد تختزل هذه الصور أسلوب حياة تربى فيها على الثقافة الذكورية الطاغية في مجتمع تقوّم فيه النساء على أساس الجمال والإغراء، وفي المقابل يقترن تحرر المرأة بقلة ملابسها. ولعلّ الأعراف والتقاليد المتوارثة خير دليل على حجم المعاناة، علماً أن أغلب المفاهيم المتداولة قد شكلت مجموعة من الممارسات والسلوكيات التي طُبقت معظمها وبنحو صارخ على الإناث فقط.
وعلى رغم محاولات فرض قوانين لحماية المرأة والتي لا تطبق في معظمها، تبقى النساء في بلادنا مستضعفات بسبب قوانين الأحوال الشخصية التي تفرض على المرأة أن تكون تابعة وليست شريكة في العائلة والمجتمع، وما يساهم في عدم تطبيق القوانين أو تجديدها حالة الفساد المستشري والفوضى العارمة التي يعيشها لبنان.
فالمرأة تعيش حالات يمكن تفنيدها بشكل مفصل على النحو التالي:
أولاً: الاستغلال والتعنيف
محاولات القتل والتعذيب التي تتعرض لها المرأة اللبنانية نموذجاً عن مستوى الانتهاكات التي لم تمنعها القوانين ولم تردعها حملات التوعية والمناصرة. إذ كشفت أرقام لقوى الأمن الداخلي عن ارتفاع نسبة التبليغات عن العنف الأسري بنحو مئة بالمئة خاصة خلال فترات التعبئة العامة والحجر المنزلي – وهو رقم كبير نسبياً مع الأخذ بالاعتبار الحالات المخفية في البيوت، وتلك التي انتهت بقتل الضحية.
وإذا كان العنف المنزلي هو أبرز أنواع التمييز الجندري، فإن العنف الذي يُمارس على النساء في العمل، تحديداً في المؤسسات الخاصة، لا يَقل شأناً ويرتكز بالدرجة الأولى على الفوارق بالترقي والتدريب والأجور بالإضافة إلى التحرش الجنسي. إذاً، أين الحق في بيئة عمل آمنة لا تعتريها تساؤلات ومخاوف ازاء كيفية التعامل مع الابتزاز ولا تنتهي ربما بالرضوخ لجشع صاحب العمل صوناً للقمة العيش؟
من تداعيات تدهور المعيشة ارتفاع نسب التسرب المدرسي للفتيات والتسول والابتزاز الجنسي، إلى جانب توسع ظاهرة تزويج القاصرات في الأطراف والمناطق النائية دون تأمين أدنى أسس الحماية لهن، وذلك عبر تخلص بعض العائلات التي تواجه ضائقة مالية من بناتها لتنقل مسؤولية إعالتهن من آبائهن إلى أزواجهن. إذاً، هنّ ضحايا مجتمع يتغنى على السطح بمزايا الانفتاح، والتحرر وحقوق المرأة، لكنه في الحقيقة يقبع تحت سطوة طوائف تهيمن على القوانين, ومجلس نيابي يعجز عن رعايتهنّ.
ثانياً: متاهة القوانين والمحاكم الدينية
لم تضع الدولة اللبنانية بعد أي خطة تشريعية فعالة لحماية حقوق المرأة، متمسكة بالسلطة الذكورية وحاصرة النفوذ بيد الرجل، إذ يتشاركون في التمييز ضدها ويطلبون منها الطاعة علماً أن هذا المبدأ لا يزال مكرساً بنص قانوني، وبالتالي في حال رفضت تنفيذ الحكم الملزم تُعتبر حينها شاذة وقد تخسر حق الوصاية أو المهر. في هذا السياق، تلفت دلال إلى أن مشكلة القوانين تكمن على مستويين: مستوى التشريع ومستوى التطبيق.
”تشريعياً، إما القوانين قديمة أو عملية التعديل بطيئة جداً وليست بالمستوى المطلوب نظراً لغياب الوعي على موضوع النوع الاجتماعي والمساواة بين الجنسين حتى عند المشرعين“.
أما المشكلة الأكبر والأعمق في البلاد بحسب دلال تتعلق بقوانين الأحوال الشخصية التي ترتبط بشكل وثيق بالطوائف، ”فيوم حرم مفتي الجمهورية الزواج المدني مثلاً توقف النقاش بمشروع قانون مدني للأحوال الشخصية في المجلس النيابي“.
كذلك الأمر بالنسبة لإقرار اقتراح القانون الرامي إلى تحديد سن الزواج الذي لم يعد يُبحث في أي لجنة نيابية لأن الطوائف لم تتوافق عليه.
وبالعودة إلى العنف الأسري، تبقى النساء تحت رحمة المحاكم الدينية وقراراتها المجحفة في ظل غياب قانون مدني موحد يحميهنّ من جميع أشكال العنف. فبعض السلطات الدينية لا تعترف بالاغتصاب الزوجي، وبالتالي لا تجرمه – وهو في الواقع عنف جنسي لا نتكلم عنه حتى في جلساتنا المغلقة.
تطبيقياً، لا تزال الشوائب كثيرة منها انعدام الآليات الصحيحة للتنفيذ أو عدم مراعاة التوصيات الدولية لتعميم منظور النوع الاجتماعي في الإدارة وغيرها. هكذا تُهدر حقوق النساء والفتيات في لبنان بين مجتمع ذكوري ومؤسسات ضعيفة أمام هيمنة الطوائف والمصالح، إذ يُعتبر أن منح المرأة أي حق هو إنقاص من حقوق الرجل ومس بسلطته. فهي لا تملك خانة مستقلة كفرد, بل يتم تسجيلها إما على خانة زوجها أو على خانة أبيها.
من جهة أخرى، الخوف من المجتمع وانعدام الرعاية الرسمية تزيد من صمت النساء عن حقوقهن في حال عدم توفر بديل آمن يلجئن إليه مع الأخذ بالاعتبار الثقافة التقليدية التي تسارع إلى تحميل المرأة أسباب العنف.
على رغم نضالات الجمعيات النسائية ومجهود المنظمات الغير حكومية، إلا أنها من المستحيل أن تجدي نفعاً نظراً لغياب قرارات رادعة وتشريعات عادلة وعمل رسمي يغطي كافة الأراضي اللبنانية.
وبانتظار إحقاق الهدف المنشود، يُنزع من بعض النساء طفل بسبب طلاق أو بسبب ولادة خارج الزواج، وتضطر أخريات إلى سلوك طرق غير آمنة تحكمها التحرش لتأمين لقمة العيش وتُعنف حتى الموت، متحملة النظرة الدونية والسلبية والتسليعية لجسدها، والقوانين الاجتماعية الصارمة التي تتحكم بأسلوب الحياة وأسس العلاقات مع الرجل والوصاية التي يفرضها.
القانون حماية النساء
ما هو قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، أو قانون رقم 293؟
ينقسم هذا القانون إلى قسمين:
قسم عقابي: يشدّد العقوبات على بعض الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات اللبناني في حال ارتُكبت بين أفراد الأسرة، ويجرّم الضرب والإيذاء.
قسم حمائي: يشمل أمر الحماية الذي بإمكان الضحيّة طلبه بهدف إبعاد المعنِّف عنها وعن أطفالها عبر إبعاده عن المنزل، أو نقلها مع أطفالها إلى مكان آمن. نشرح في الأسئلة اللاحقة تفاصيل قرار الحماية وكيفية الحصول عليه.
وتجدر الإشارة إلى أخطاء شائعة لدى التحدّث عن العنف الأسري، وتحديداً قانون رقم 293، مثل حصره بالعنف الممارَس من الزوج على زوجته فيما المذكور في القانون هو العنف الواقع بين جميع أفراد الأسرة؛ على سبيل المثال، العنف الممارَس من الأب على الأولاد الراشدين – بما أنّ القاصرين يشملهم قانون خاصّ (رقم 422)- أو العكس، أي من الأولاد الراشدين على الأب أو الأم، أو العنف بين الأخوة، والأولاد بالتبنّي أو التكفّل، كما ويشمل أيّ شخص يتعرّض للعنف من قبل من له حق الولاية أو الوصاية عليه…
– إنّ هذا القانون لا يجرّم فعل إكراه الزوجة على الجماع أو الاغتصاب الزوجي بحد ذاته، إنّما الضرب والإيذاء والتهديد الذي يلجأ إليه الزوج للحصول على “الحقوق الزوجية”.
– لكي يُعاقب المعنِّف، يجب أن تتقدّمي بشكوى قضائية. إسقاطكِ للشكوى يوقف ملاحقة المعنِّف.
العلاقات التي لا يشملها قانون 293:
زواج سابق، فلا يشمل القانون الزوج السابق علماً أن المرأة غالباً ما تبقى مُهدَّدة من قبله، كما ولا يشمل علاقات المساكنة، والزواج الموقّت، وأي علاقة خارج إطار الزواج الصحيح المعترف فيه قانوناً.
ما هو طلب الحماية المنصوص عليه في القانون رقم 293؟
هو طلب تستطيعين التقدّم به أمام قاضي الأمور المستعجلة في حال تعرّضكِ لأي شكل من أشكال العنف الأسري (جسدي، جنسي، معنوي، اقتصادي…)، وتطلبين بموجبه أخذ قرار بالحماية يُمنع على أساسه المعنِّف من التعرّض لكِ ولأطفالكِ ولسائر أفراد الأسرة المقيمين معكِ من خلال مجموعة تدابير حمائيّة تُنفّذ لفترة محدّدة قابلة للتعديل أو التجديد. وإذا كنتِ قد تقدّمتِ بدعوى سابقة لا تزال جارية، يمكنكِ التقدّم به أمام القاضي الناظر في الملفّ.
تجدر الإشارة إلى أنّ طلب الحماية الذي تتقدّمين به هو طلب رجائي، أي لا يجب إبلاغه إلى المعنِّف، ولا يتمّ استدعاء هذا الأخير أمام القاضي للاستماع إليه قبل إصدار قرار بالحماية، فالقاضي يكتفي بالاستماع إليكِ ليصدر قراره.
لكن بعد صدور القرار، يحقّ لكِ وللمعنِّف الاعتراض عليه أمام القاضي نفسه، أو استئنافه أمام محكمة الاستئناف. كما يمكن مراجعة القاضي في أي وقت للرجوع عن القرار، أو تعديله، أو إضافة تدابير عليه وفقاً للمستجدّات.
ملاحظة: يمكن أن يطلب القاضي الاستماع إلى الطرفين إذا لم يكن هناك أدلّة كافية على وقوع العنف
من نتائج التعديلات التي أدخلها النوّاب على مشروع القانون الذي تقدّمنا به لحماية النساء من العنف الأسري، أنّه لم يعد في شقّه الحمائي محصوراً بالنساء، فبات بإمكان الرجال أيضاً التقدّم بطلب حماية. لذا ننبّه أنّ بعض الأزواج قد يستغلّون مسألة عدم تخصيص الحماية للنساء والتقدّم بطلبات حماية مقابلة وغير مبرّرة نكايةً بالضحيّة.
بحسب قانون 293، يُقصد بالأطفال من هم في سنّ حضانة للضحية بحسب قوانين الأحوال الشخصية، أي تلك التابعة للطوائف. لذا في حال لم يكن أطفالكِ في سنّ حضانة تبقيهم معكِ، قد لا يتمّ شملهم في قرار الحماية. غير أنّه بإمكان قاضي الأمور المستعجلة الذي يُصدر قرار الحماية النظر إلى الطفل على أنّه، وبصفته شاهد عنف، هو أيضاً ضحيّة ومعرّض للخطر، وبالتالي يشمله بقرار الحماية بغض النظر عن سنّ الحضانة.
المرفقات:
You must be logged in to view attached files.
- الكاتبالمشاركات
- يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.