- هذا الموضوع فارغ.
- الكاتبالمشاركات
- أغسطس 11, 2022 الساعة 10:42 ص #17471Hana Hajjمدير عام
بعد فشل قوانين الأحوال الشخصية ذات المرجعية الطائفية، لا بد من إقرار قانون موحد للأحوال الشخصية التي تضمن حق الإنسان كفرد في المجتمع، وبالتالي تضمن حق المرأة في إنسانيتها وحق أطفالها وضمان العدل والمواطنة للمجتمع ككل.
ففي ظل الأزمات التي يعيشها لبنان من اقتصادية واجتماعية وصحية ناتجة عن منظومة أثبتت فشلها الجذري في إدارة شؤون البلاد بسبب تشريعاتها الطائفية والطبقية والعنصرية، والأهم التمييز بين الجنسين.
من هذا المنطلق بات من الضروري إقرار لبنان قانون موحّد للأحوال الشخصية يحقق المواطنة أولاً، وهذا ما لا يحتاج الى مطلب لأنه حق وطني وليس موقت. فإذا أخذنا على سبيل المثال حق المرأة في صنع القرار كشريك في الوطن، كيف ستتم الآلية وهي لا تزال الحلقة الأضعف في المحاكم الروحية عند كل الطوائف، ولا تستطيع أن تتخذ قراراً في الارتباط أو الانفصال ولا حتى الحضانة. وهي التي تتعرض للتهميش في العديد من القرارات إلا إذا كان مرجعيتها روحية أو “ذكورية” نافذة.
إن وجود القانون المدني للأحوال الشخصية قادر على إشراك المرأة في صنع ومشاركة القرار داخل العائلة. ما يخرجها عن وصاية الذكر ويجعلها في موقع مساوٍ له، فيدفعها أكثر باتجاه الشراكة في مختلف المواقع على صعيد المجتمع. لتصبح المرأة صانعة قرار، بعد أن تتحرر من قيود القوانين الطائفية التي تتفرّغ لقمعها.
البنود الطائفية تواجه القضاء المدني
من المتعارف عليه أن الأحكام العائلية تتجه في حل أزماتها الى المراجع الروحية وليس الى القضاء المدني في لبنان، بسبب السلطة الطائفية التي تتوارث بين العائلات فيما من المفترض أن تفرض الدولة سلطتها، وأن لا تترك مواطنيها تحت رحمة ومزاجية السلطات الطائفية التي تراعي مصالحها فقط، تمادت قوانين الأحوال الشخصية الطائفية بالاعتداء على القوانين والقضاء المدني، واستولت على مساحته. وتركت صلاحياتها تمتد الى ما بعد عقود الزواج والإرث، بل تعدت ذلك لتصل الى منع الدولة من سنّ تشريعات تتوافق ومصلحة مواطنيها والتزاماتها الدولية، ومنع الأم والمجتمع من حماية الأطفال. فباتت المحاكم الشرعية أقوى من قضاء الدولة صاحبة الشرعية، وعائقاً أمام تطوير القوانين، على سبيل المثال لم تسمح السلطات الطائفية بإلغاء المادة 522 من قانون العقوبات بالكامل. خشية أن يتعارض ذلك مع مصالح الطوائف التي تبيح تزويج الطفلة، أو حماية المعتدي على الطفلة بتزويجه منها فيعفى من العقاب، أي أن المحاكم الروحية تساهم في قتل طفولة الفتاة مرتين، مرة حين يعتدى عليها بالاغتصاب، ومرة حين تقدم ذبيحة على مائدة الزواج (لحماية العرض) وليس لمعاقبة الجاني.
القانون المدني الاختياري
يعيش المجتمع اللبناني حالة من الفصام، إذ تم إفشال طرح قانون مدني اختياري إرضاءً للطوائف، على أن تفرض الدولة قانونها. وعندها يمكن للمواطنين الاختيار، ولكن خوفاً من أن يختاروا القانون المدني حاربوه قبل أن يولد. وفي المقابل تقبل دوائر الأحوال الشخصية تسجيل عقود الزواج التي تتم خارج لبنان وكلها وفق القوانين المدنية في تلك البلدان، ويتم تسجيل وفق شروط تلك الدول، وحين يختلف الزوجان وينفصلا، يتم تسجيل الطلاق وفق القوانين حيث تم العقد ويسجل في الدوائر الرسمية. وهذه حالات إما تحايل أو مواربة، فبدل أن يتكلف الزوجين عناء الانتقال ليختاروا في بلدهم ما سيختارونه خارجاً، إلا أن الرفض لا مبرر له، خصوصاً حين يتعلق الأمر بمسائل المرأة والطفل وحقوق الوصاية والإرث.
أحكام المحاكم الروحية في الزواج
من هذا المنطلق سنفنّد جزءاً من الأمثلة من المحاكم الروحية وانعدام المساواة فيها، وتحاول بعض نصوص القوانين في المحاكم الروحية أن تنظم الحياة العائلية ولكن قد تقع في أخطاء اشكالات لاحقة، مثلاً في القانون المدني تقسّم الملكية المشتركة بين الزوجين، فالملكية المشتركة هو النظام القانوني الذي يفترض بأن أي ممتلكات تم اقتناؤها أثناء الزواج هي ملك مشترك للزوجين. وعادة ما تعترف أنظمة الملكية المشتركة ببقاء الممتلكات السابقة على الزواج، أو الموروثة أو التي تم الاستحصال عليها عن طريق الهبة، كملكية منفصلة.
التعويض: وفق قوانين الأحوال الشخصية المسيحية والدرزية، يعد الطرف الذي يعتبره القاضي مسؤولاً عن البطلان أو الفسخ أو الطلاق مسؤولاً أيضاً عن تعويض الطرف الآخر عن الأضرار الناجمة عن إنهاء الزواج.
الحضانة: تنطوي الحضانة بحسب تعريفها في السياق اللبناني على الحفاظ على الأطفال ورعايتهم والاهتمام بتنشئتهم لحين استغنائهم عنها. وفترة الحضانة بطبيعتها محدودة المدة وتنتهي حينما لا يعود الطفل محتاجاً إلى الرعاية. وطالما قامت الرابطة الزوجية فإن الحضانة واجب على الأبوين، وفي حال انتهت، تميل معظم القوانين الطائفية إلى إيلاء الأم حضانة الأطفال الصغار (ويختلف سن الحضانة باختلاف القوانين الطائفية).
الهجر: بموجب قوانين الأحوال الشخصية المسيحية، يعرف الهجر بأنه الفصل بين الزوجين، ويعتبر لاغياً بالمصالحة. عندما يقع الهجر ينفصل الزوجان ولكن الرابطة الزوجية تستمر بحيث لا يستطيع أحدهما عقد زواج جديد. هناك نوعان من الهجر: الدائم والذي يُبرر بالزنا تعترف به الكنيسة الكاثوليكية فقط؛ والمؤقت، والذي يكون لفترة محددة أو غير محددة وهو متروك لتقدير المحكمة، ويستمر حتى تزول أسباب الهجر، وهو المعترف به من الطوائف المسيحية كافة.
فسخ الزواج والطلاق عند الطوائف المسيحية: فسخ الزواج والطلاق بمفهوم قوانين الأحوال الشخصية المسيحية يتمثلان بحل عقدة زيجة قانونية لأسباب يحددها ويحصيها القانون. أما الطوائف الكاثوليكية فلا تعترف بها.
الطلاق عند الشيعة والسنة والدروز: الطلاق بمفهوم قوانين الأحوال الشخصية السنية والشيعية هو حق الزوج الدائم والمطلق بإنهاء العلاقة الزوجية بإرادته المنفردة ومن دون سبب وخارج المحكمة. وبموجب القانون الدرزي، للرجل أن يطلق زوجته شرط ذلك أمام المحكمة، وفي حال ارتأى القاضي أن الزوج الدرزي أوقع الطلاق من دون سبب مشروع فبإمكانه أن يحكم بالتعويض لصالح الزوجة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للرجال والنساء من الدروز فسخ زواجهما أمام المحكمة الدرزية بالتراضي. وبموجب قوانين الأحوال الشخصية السنية الشيعة، يجوز للزوج الرجوع عن طلاقه خلال فترة العدّة (أنظر أدناه) دون رضى الزوجة ودون الحاجة الى عقد زواج جديد. بعد انقضاء هذه الفترة أو في حال طلق الزوج زوجته ثلاثاً يصبح الطلاق بائنا ًبينونة كبرى أي يحلّ الرابطة الزوجية بشكل نهائي.
الولاية: يتضمن مفهوم الولاية في قوانين الأحوال الشخصية الحفاظ على الأطفال وتنشئتهم ورعاية مصالحهم المالية لحين بلوغهم سن الرشد. وحق الولاية بموجب معظم قوانين الأحوال الشخصية اللبنانية هو حق أولى للأب، المعترف له بالولاية المعنوية والمالية المطلقة على أطفاله لحين بلوغهم سن الرشد.
العصمة أو تفويض المرأة الطلاق بموجب قوانين الأحوال الشخصية السنية والشيعية: العصمة هي حق المرأة في الطلاق بموجب قوانين الأحوال الشخصية السنية يرادفه تفويض المرأة ذلك بالنسبة إلى الطائفة الشيعية. وفي كلا الحالين، يقتضي أن يتضمن العقد بنداً صريحاً بذلك.
المهر: هو مبلغ من المال، المنقول أو غير المنقول، يلتزم بدفعه الزوج لقاء زواجه ومساكنته للزوجة، وتحدّد قيمته في عقد الزواج. ويوفي الزوج قسماً منه عند عقد الزواج، أي قبل إقامة أي علاقة جنسية بينهما، وهو ما يعرف بالمهر المعجّل. أمّا القسم الآخر، فهو يستحق عادة لأحد الأجلين، وذلك عند وفاة الرجل أو إنهاء العلاقة الزوجية بينهما على مسؤولية الزوج، وهو ما يعرف بالمهر المؤجّل. وتقتضي الإشارة الى أنّ المهر هو اختياري في الزواج المسيحي، بينما يشكّل شرطا” من شروط صحة الزواج عند السنة والشيعة والدروز.
قضايا الطاعة والمساكنة: هي دعوى يرفعها الزوج ضد زوجته التي هجرته أو منعت نفسها عنه، طالباً عودتها الى طاعته أو إرغامها على مساكنته، وإلاّ تكون بحكم الناشز. *
الخُلع: وهو من سبل حل عقدة الزواج بموجب قوانين الأحوال الشخصية الإسلامية، حيث تتحرر الزوجة من الزيجة مقابل تعويض مالي للزوج. وفي هذه الحالات تتنازل الزوجة تقليدياً عن بعض أو كل حقوقها المالية في المهر ونفقة العدّة (*) لقاء أن يخلعها الزوج عن ذمته. وفي بعض الحالات تدفع الزوجة مبلغاً مالياً إضافياً للزوج.
النشوز: تعد الزوجة ناشزاً بحكم القانون بموجب قوانين الأحوال الشخصية كافة في لبنان إذا غادرت منزل الزوجية ورفضت مساكنة زوجها دونما سبب تعتبره المحكمة الطائفية شرعياً. ولا تحق النفقة للزوجة الناشز، كما أن حكم النشوز أمام بعض المحاكم الطائفية قد يحجب حقها في حضانة أطفالها.
التفريق: بموجب قوانين الأحوال الشخصية السنية والدرزية، يقع التفريق عند حل عقدة الزواج بحكم قضائي بناءً على طلب أحد الزوجين ولأسباب يحددها ويحصيها القانون. ولا يعترف قانون الأحوال الشخصية الشيعي بالتفريق.
الطلاق الحاكم: الطلاق الحاكم هو أمر يصدره مرجع ديني شيعي يمكن أن يكون خارج المحكمة بتطليق زوجة من زوج.
نفقة الزوجة: بموجب قوانين الأحوال الشخصية الشيعية والسنية والدرزية والمسيحية، تشير نفقة الزوجة إلى التزام الزوج بتلبية حاجات زوجته من غذاء وكساء ومأوى وغيرها من ها، إما للامتناع عن دفع نفقتها أو للأذى وسوء المعاملة أو للهجر.
تكاليف المعيشة أثناء الزواج. وتنتهي هذه المسؤولية بانتهاء الزيجة، مع استثناء الحالات التالية:
- بموجب قوانين الأحوال الشخصية السنية والشيعية يتعين على الزوج الاستمرار في دفع نفقة زوجته خلال فترة العدة (*) التي يظل إيقاع الطلاق أثناءها معلقاً.
- ب- بموجب قوانين الأحوال الشخصية المسيحية الأرثوذكسية، يظل دفع النفقة واجباً في حالات الهجر المؤقت. وتتميز نفقة الزوجة عن نفقة الأطفال. ويلتزم الزوج بدفع الأخيرة ليد زوجته طوال فترة حضانتها للأطفال.
فترة العدة: بموجب قوانين الأحوال الشخصية السنية والشيعية، هي فترة منصوص عليها في القانون ولا يجوز للمرأة المطلقة أو المترملة حديثاً أن تتزوج خلالها، وفي حالة الطلاق يجوز التراجع عنه خلالها. وتتحدد المدة بثلاث دورات متتالية من الحيض أو ثلاثة شهور.
المطالب القانونية
قدم نشطاء وحقوقيين أبحاث وتقارير عن قانون مدني للأحوال الشخصية من شأنه أن يضمن للمواطنين المساواة ويكفل حرية المعتقد. وفيه تركيز على إشكالية جوهرية تبرز في النظام الحالي لقوانين الأحوال الشخصية المتمثلة بممارسات وأشكال تمييزية ضدّ المرأة.
وعلى رغم المحاولات لمنع التمييز في المجتمع، إلاّ أن تعدّد قوانين الأحوال الشخصية ومصادرها وكيفية تطبيقها من قبل المحاكم الطائفية أدّى ولا يزال إلى انتهاك مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في قضايا الزواج والطلاق، فضلاً عن تكريس ممارسات تمييزية ضدها وانتهاكات لحقوقها الإنسانية ـ بما فيها الحق في عدم التمييز وفي المساواة داخل الأسرة وفي السلامة البدنية وفي الصحةـ؛ وفي ذلك مخالفات جوهرية لعدد من التزامات لبنان الدولية.
انعدام المساواة في قوانين الطلاق
وجدت هيومن رايتس ووتش أن قوانين الأحوال الشخصية لدى جميع الطوائف وأمام محاكمها تعطي المرأة حقوقاً محصورة ومقيّدة لجهة إمكانية إنهاء الزواج مقارنةً مع ما للرجل من وسائل متاحة لتحقيق ذلك.
الخلافات المالية بسبب الطلاق
أيا كان انتماء المرأة الطائفي، فهي تواجه التهميش الاقتصادي خلال الزواج وعند حلّه. ويساهم في ذلك إخفاق قوانين الأحوال الشخصية والقوانين المدنية في الاعتراف بمساهمات الزوجة الاقتصادية وغير الاقتصادية خلال الزواج ـ بما في ذلك رعاية المنزل والأسرة- والفرص الاقتصادية الضائعة، ومساهمتها في المسيرة المهنية لزوجها.
وبموجب قوانين الأحوال الشخصية السنية والشيعية، لا يحق للزوجة عند انتهاء الزيجة سوى مهرها المؤجل ونفقة عدّتها على الأكثرـ والمؤجل هو المبلغ المنصوص عليه في عقد الزواج بحيث تستحقه الزوجة عند الطلاق أو الوفاة. وإذا وجد القاضي أن الزوجة مسؤولة عن التفريق يتم تخفيض قيمة المؤخر بنسبة مسؤوليتها؛ ممّا يؤدي في بعض الحالات من تجريد الزوجة السابقة من أي موارد مالية بعد ترك الزوج.
وتتسم شروط التعويض على أثر حلّ الرابطة الزوجية في قوانين الأحوال الشخصية المسيحية بالمحدودية والتباين فيما بين الطوائف والمحاكم، وغالباً ما تكون قيمة المبلغ المحكوم به على سبيل التعويض غير كافية لتمكين المرأة استقلالها الاقتصادي.
حضانة الأطفال
تعتمد القوانين الطائفية الشيعية والسنية والدرزية عمر الطفل وليس مصلحته العليا معياراً يُحدّد بموجبه الجهة التي سيقيم معها إثر انحلال الرابطة الزوجية. وقد سجّلت الطائفة السنية تطوراً حديثاً في هذا المجال حيث بات بمقدور القضاة، بموجب سلطتهم التقديرية، اعتبار مصلحة الطفل العليا في قضايا الحضانة. وفي الاتجاه نفسه، تعتمد المحاكم الروحية سن الطفل عند تحديد الحضانة، إنّما للقضاة سلطة تقديرية واسعة تخوّلهم الفصل في مسائل الحضانة على أساس مصلحة الطفل العليا.
وبموازاة مفهوم الحضانة، تكرّس المحاكم الطائفية أيضاً مفهوم الولاية المتمثل بتربية الأطفال وحفظ حقوقهم المالية لحين بلوغهم سن الرشد. وباستثناء قانون الأحوال الشخصية للأرمن الأرثوذكس، أولت قوانين الطوائف الولاية أثناء الزواج وبعد انتهائه إلى الأب، باعتباره الولي الجبري الأولى على أطفاله معنوياً ومالياً.
وتخالف هذه الممارسات المعايير المكرّسة في اتفاقية حقوق الطفل التي تُلزم الدول الأطراف ضرورة “أن يولى الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى”.
وغالباً ما تؤدي هذه إشكالية إلى امتناع المرأة عن طلب إنهاء الرابطة الزوجية بسبب تخوفها فقدان حضانة أطفالها.
الحل بإقرار قانون مدني
وبعد الويؤكد هذا التقرير على الحق في والحاجة إلى قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية، يستند إلى مبادئ المساواة وعدم التمييز وحق الفرد في اختيار انتمائه الديني (أو ألا يكون له أي انتماء) بغرض حماية المرأة والتخفيف من تهميشها القانوني والاقتصادي والاجتماعي.
وتجدر الإشارة إلى أنّ إقرار قانون مدني بموازاة قوانين الأحوال الشخصية الطائفية لن يكون كافياً للقضاء على أشكال التمييز. ويقتضي أن يقترن العمل في سبيل تبني قانون مدني اختياري بإقرار إصلاحات جوهرية على القوانين الطائفية القائمة كما يتعين على مؤسسات الدولة أن تمارس الرقابة على المحاكم والقوانين الطائفية.
مقترحات لقانون الأحوال الشخصية المدني:
إطلاق عملية تشاركية لتفعيل قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية يخلو من التمييز على أساس الديانة أو النوع الجنسي.
إقرار قانوناً مدنياً اختيارياً للأحوال الشخصية يضمن للمرأة حقوقاً متساوية ويتفق مع التزامات لبنان الحقوقية الدولية.
وفيما يتعلق بقوانين الأحوال الشخصية والمحاكم الطائفية القائمة:
إلزام الطوائف الدينية التي لم تدوّن قوانينها بعد القيام بهذا الأمر وتقديمها إلى البرلمان لمراجعة مدى توافقها مع الدستور اللبناني والتزامات لبنان الحقوقية الدولية. وينبغي تعديل أي قانون غير متفق مع الدستور أو الالتزامات الحقوقية الدولية قبل أن يقرّها البرلمان.
إلغاء القرار 53 الصادر في 30 مارس/آذار 1939 والذي يقرر أن أحكام القرار 60 ل. ر.، الملزمة للطوائف بتقديم قوانينها وإجراءاتها للتصديق عليها من قبل البرلمان بعد مراجعتها من حيث التوافق مع الدستور اللبناني أو النظام أو الآداب العامة، لا تنطبق على المسلمين.
تعديل المادة 95 من قانون أصول المحاكمات المدنية لكي تشمل صلاحية الهيئة العامّة لمحكمة التمييز النظر في القرارات المبرمة الصادرة عن المحاكم الطائفية لمخالفتها حقوق الفرد الأساسية.
فرض حد أدنى من المؤهلات العلمية والحقوقية والتدريبية لقضاة المحاكم الطائفية واشتراط استحصالهم على إجازة حقوق واستكمال تدرجهم في معهد القضاة التابع لوزارة العدل وإلزام المحاكم الطائفية بضمان تمثيل النساء في الهيئات القضائية؛
وضع آليات رقابية على إجراءات المحاكم الطائفية لضمان خلو أحكامها من التمييز وتوافقها مع الدستور اللبناني والتزامات لبنان الحقوقية الدولية.
تزويد الأزواج بالمعلومات قبل الإقدام على الزواج حول النظام القانوني الذي يحكم حياتهم الزوجية.
وفيما يتعلق بغير ذلك من التشريعات والإجراءات واختصاصات المحاكم المدنية:
فرض سن 18 عاماً كحد أدنى للزواج للجنسين.
تكريس مفهوم الملكية الزوجية واقتسامها على قدم المساواة بين الزوجين عند حل عقدة الزواج لدى جميع الطوائف، اعترافاً بمساهمات المرأة المالية وغير المالية.
إنشاء صندوق موحد لتوفير النفقة الزوجية ونفقة الأطفال بشكل مؤقت تصرف حسب الحاجة المالية.
منح المحاكم المدنية صلاحية النظر والحكم في دعاوى النفقة الزوجية والتعويض ونفقة ما بعد إنهاء الزواج حسب الحاجة المالية، وكذلك المساهمات المقدمة أثناء الزواج، سواء كانت مالية أو غير ذلك.
توفير التمثيل القانوني للطرف المعسر في جميع قضايا الأحوال الشخصية وإنشاء خطوطاً ساخنة وخدمات المشورة الاجتماعية والقانونية داخل المحاكم المدنية والطائفية.
إقرار قانون ينص صراحة على اختصاص القضاء المدني بالزيجات المعقودة أمام السلطات المدنية حتى التي تم الاحتفال بها دينياً لمنح الأسبقية للمحاكم المدنية والقانون المدني.
إدخال إصلاحات على قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري بحيث يوسع تعريف العنف الأسري ليتلاءم مع توجيهات الأمم المتحدة بشأن الحماية منه، وإنشاء آلية رقابية تضمن تنفيذ القانون، وصياغة بروتوكولات واستراتيجيات وطنية تشمل كافة الوزارات المعنية بالحماية ضد العنف الأسري.
مقترحات للطوائف الدينية
فيما يتعلق بالتدريب القانوني والقضائي واختيار القضاة والإشراف عليهم:
فرض حد أدنى من المؤهلات العلمية والحقوقية والتدريبية لقضاة المحاكم الطائفية واشتراط استحصالهم على إجازة حقوق واستكمال تدرجهم في معهد القضاة التابع لوزارة العدل وإلزام المحاكم الطائفية بضمان تمثيل النساء في الهيئات القضائية.
الزيجات المدنية في الخارج والقوانين المطبّقة
كرّس القرار 60 ل.ر. -الصادر عام 1936 والذي يشكّل جوهر نظام الأحوال الشخصية في لبنان ولا يزال معمولاً به حتى اليوم- حق الفرد في اختيار عدم الخضوع إلى نظام أحوال شخصية طائفي.
وهناك اعتراف القرار بصلاحية كل طائفة دينية تدوين قوانين أحوالها الشخصية (ويشار إليها في القرار بمصطلح “الطوائف التاريخية”)، وبالتالي تطبيقها على الأفراد المنتمين لها، لم يجعل هذا الانتماء إلزامياً، ومنح كل فرد الحق في اختيار انتمائه الطائفي، بما في ذلك الانتماء إلى طائفة ليس لديها قانون للأحوال الشخصية في لبنان (ويشير إليها القرار بمصطلح طوائف “الحق العادي”) أو عدم الانتماء إلى أية طائفة كانت.
وعليه، بموجب القرار 60 ل. ر. وانسجاماً مع حرية المعتقد المطلقة المكفولة في الدستور، يخضع الأفراد الذين يختارون الانتماء إلى طوائف “الحق العادي” أو عدم الانتماء إلى أي طائفة لقانون مدني في شؤون الأحوال الشخصية.
إلاّ أنّه وعلى الرغم من تكريس هذا الحق وعلى الرغم من الحملات المحلية المتوالية (لاستعراض موجز لجهود تبني قانون مدني في لبنان يرجى الاطلاع على “معركة قانون الأحوال الشخصية المدني”، لم يتبن لبنان حتى اليوم أي قانون مدني للأحوال الشخصية منذ صدور القرار 60. و حتى تاريخ قريب، كان على الراغبين في الزواج بموجب قانون مدني، إما لأنهم لا يريدون الخضوع لقوانين طوائفهم أو لاختلاف انتماءاتهم الطائفية، السفر إلى الخارج للزواج ثم الحصول على اعتراف بالزيجة في لبنان.
ولطالما اعتبرت محكمة التمييز اللبنانية، أرفع المحاكم اللبنانية، بأن المادة 25 من القرار 60 ل. ر. تسمح لمواطني لبنان بعقد الزيجات في دول أجنبية وفق قانونها المدني. وفي تلك الحالات تخضع الزيجات لقوانين البلد الذي عقدت فيه الزيجة وعلى المحاكم اللبنانية تطبيق ذلك القانون في حالة التنازع بين الزوجين.
لكن رغم الشعبية المتزايدة لاختيار الزواج المدني في الخارج إلا أنه يبقى مقيداً. فهو من الناحية المالية غير متاح إلا للأزواج القادرين على السفر إلى الخارج. علاوة على هذا فإنه مشروط بعدم الاحتفال بالزواج مرة اخرى بالشكل الديني. فاجتهاد محكمة التمييز اللبنانية ثابت لهذه الجهة حيث تعتبر أنه في حال قام الزوجان بالاحتفال بزواجهما بالشكلين المدني والديني، فإنّ القانون الواجب التطبيق على الزواج ومفاعيله هو القانون الطائفي. بل وإذا كان الزوجان متنميان إلى الطائفة الشيعية أو الدرزية أو السنية، فإن محاكم هذه الطوائف ستعتبر نفسها مختصة وستقوم بتطبيق قواعدها الخاصة إذا لجأ أحد الزوجين إليها، حتى إذا لم يعقدا زيجة دينية في لبنان.
وهناك تعقيدات تبرز عند نظر المحاكم اللبنانية في المنازعات الناشئة عن زيجات مدنية معقودة في الخارج، حيث أن القضاة والمتنازعين على السواء لا يملكون بالضرورة الدراية أو المعرفة الكافية للقوانين الأجنبية وكيفية تطبيقها، خاصة عند عقد الزيجة في بلدان تختلف أنظمتها القانونية والقضائية جوهرياً عن الأنظمة اللبنانية.
لكن في فبراير/شباط 2013 انفتح أفق جديد لعقد زيجات مدنية بدون مغادرة لبنان: فرغم غياب قانون مدني معمول به، إلا أن الهيئة العليا للاستشارات، برئاسة وزير العدل، وافقت على تسجيل زيجة مدنية عقدت في لبنان بين زوجين حجبا قيدهما الطائفي من سجلاتهما المدنية.
وقد تذرع الزوجان بأنهما بموجب حجب قيدهما الطائفي من السجلات المدنية بات لهما الحق بموجب القرار 60 ل.ر. في عقد زواج مدني. ودفعا بأن إخفاق لبنان في إقرار القانون لا يبطل حقهما. وبالنظر إلى غياب التشريع المدني، قام الزوجان بتوثيق عقد الزواج أمام كاتب عدل واختارا إخضاعه للقانون المدني الفرنسي، الذي كان معمولاً به في ظلّ الانتداب وقت صدور القرار 60 ل.ر.عام 1936.
وقد طلبت وزارة الداخلية مشورة الهيئة العليا للاستشارات التي بدورها قبلت حجة الزوجين وفي 25 أبريل/نيسان 2013 قامت وزارة الداخلية اللبنانية رسمياً بتسجيل الزيجة لتصبح أول زواج مدني معقود على الأراضي اللبنانية.
قوانين الأحوال الشخصية والنظام الدستوري للدولة
بموجب القرار 60 ل.ر. الصادر في 1936، على كل طائفة دينية تقديم قانونها الخاص بالأحوال الشخصية وإجراءات المحاكمات إلى الحكومة والبرلمان للمراجعة والتصديق.
واستناداً إلى القرار، لا يصدق البرلمان إلا إذا خلت قوانين الأحوال الشخصية وإجراءات المحاكمات من النصوص “المخالفة للأمن العام أو الآداب أو دساتير الدول والطوائف أو أحكام هذا القرار”.[18] ورغم أن قوانين الأحوال الشخصية ملزمة من حيث المبدأ بالتوافق مع الدستور والنظام العام إلا أن البرلمان قد أخفق من حيث الممارسة في ضمان هذا. وفي غالبية الأحوال لا تقوم محكمة التمييز، بصفتها المحكمة المختصة بحلّ النزاعات، برقابة مضمون الاحكام الصادرة عن محاكم الأحوال الشخصية (يرجى الرجوع إلى قسم “محدودية الإشراف على المحاكم الدينية” للاطلاع على استثناء من هذه الممارسة العامة).
مطالبات تاريخية
طالبت منظمات المجتمع المدني ونشطاؤها في لبنان إقرار قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية، وقد أطلقت مجموعات حقوقية محلية عشرات من المبادرات والحملات وكانت ثمة عدة محاولات لإقرار تشريعات تكرس بالزواج المدني الاختياري.
1957: قدم النائب ريمون إده، رئيس الكتلة الوطنية اللبنانية، اقتراحاً للبرلمان لإقرار الزواج المدني في لبنان، وأيد حزبه مشروع قانون اختياري للأحوال الشخصية.
1972 و1977: قدم الحزب الديمقراطي اقتراحاً بقانون مدني للأحوال الشخصية، وفي 1977 قدم نائب الحزب الديمقراطي أوغوست باخوس مشروع قانون في هذا المجال.
1976: تقدمت الحركة الوطنية بورقة إصلاحية تقترح قانونا اختيارياً للأحوال الشخصية.
1977: اقترح الحزب السوري القومي الاجتماعي قانوناً اختيارياً للأحوال الشخصية وقدم المقترح إلى البرلمان.
1988: قدم الرئيس إلياس هراوي مشروع قانون للزواج المدني الاختياري قوبل بمعارضة شرسة من القادة الدينيين المسيحيين والمسلمين، ثم رفض رئيس الوزراء رفيق الحريري إحالته إلى البرلمان للتصويت عليه، رغم موافقة أغلبية أعضاء مجلس الوزراء.
كما أطلقت المنظمات الحقوقية المحلية عشرات المبادرات والحملات.
2011: قامت جمعية شمل بالاشتراك مع 14 منظمة غير حكومية أخرى بتقديم مسودة قانون مدني للأحوال الشخصية إلى البرلمان، وأيدها بعض البرلمانيين فوضعوها على جدول أعمال اللجان البرلمانية المشتركة في 18 مارس/آذار2011. لكنها لم تخضع للمداولة حتى مثول هذا التقرير للطباعة.
2014: قدم وزير العدل شكيب قرطباوي مشروع قانون إلى مجلس الوزراء من شأنه منح المواطنين اللبنانيين حق عقد زيجات مدنية اختيارية بدون حجب انتمائهم الديني من السجلات، والسماح للأزواج باختيار أي قانون مدني أجنبي يتزوجون بموجبه دون الاضطرار إلى السفر للخارج، طالما لا يتنافى القانون و”النظام والآداب العامة”. ولهذا الغرض يتعين على كل زوجين سداد مبلغ يعادل 333 دولار أمريكي للدولة، لحساب المحكمة الطائفية التي يتمي إليها الزوج. انتقدت منظمات المجتمع المدني اللبنانية هذه المبادرة لعدم توافقها مع اشتراطات الدستور.
وقد أدّت الهيمنة الطائفية داخل مجلس الوزراء والبرلمان إلى عرقلة تمرير قانون مدني اختياري للأحوال الشخصي، على الرغم من هذه المبادرات، فالاعتبارات الطائفية تحدد توزيع الحقائب الوزارية ويتم انتخاب نواب البرلمان على أساس انتمائهم الطائفي كما تتمتع الهيئات الدينية بنفوذ هائل داخل مجلس الوزراء والبرلمان. ولكل طائفة مجلسها الأعلى، الذي يضم في بعض الطوائف جميع النواب البرلمانيين والوزراء السابقين والحاليين من أبناء الطائفة، وكبار مسؤولي الدولة وأعضاء مجالس النقابات المهنية، إضافة إلى القضاة الدينيين ورجال الدين.
[pdf-embedder url="https://www.e-lebanon.org/wp-content/uploads/2022/08/الزواج-المدني-الدكتور-نادر-عبدالعزيز.pdf" title="الزواج المدني الدكتور نادر عبدالعزيز"]
المرفقات:
You must be logged in to view attached files.
- الكاتبالمشاركات
- يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.